11/07/2025
في المجتمعات التي تحكمها أنظمة القانون، يكون الناس على قدرٍ من الطمأنينة، لأنهم يعلمون أن هناك ميزاناً يُرجّح الحق ويكبح جماح الظلم. لكن، ماذا يحدث حين يفقد القانون هيبته؟ حين يُختزل في حبرٍ على ورق؟ حين لا يعود حارسًا للعدالة، بل أداة في يد الفاسدين؟
عند سقوط هِبة القانون، لا يضيع فقط النظام، بل تُهدَر كرامة الإنسان، وتُفتح أبواب الجحيم على مصراعيها، ويصبح السُرّاق أسياد الموقف، لا يهابون رقيباً، ولا يحترمون حداً.
في غياب القانون، لا يكتفي اللصوص بسرقة المال، بل يسرقون الثقة، ويسرقون المستقبل. يتحول المال العام إلى غنيمة، وتُصبح المناصب سوقاً للنخاسة، ويُقاس الولاء بمقدار ما تسرقه لا بما تقدّمه للوطن.
السارق في ظل غياب القانون، لا يختبئ، بل يتباهى. لا يخشى العدالة، بل يُمسك بزمامها. والمؤلم أن الناس في ظل هذا المشهد يبدأون بفقدان الإيمان بأي تغيير. يتحول المواطن الصالح إلى ضحية، أو في أسوأ الأحوال إلى متواطئ، حين يشعر أن القانون لا يحميه بل يخذله.
وما أخطر من السرقة المالية إلا سرقة الأمل. حين يشعر الشعب أن لا قانون يحميه، ينسحب من ساحة الوطن بصمت أو يثور بفوضى. وفي كلا الحالتين، يتشقق جدار الدولة، وتنهار الروابط التي تجمع الناس على كلمة سواء.
لكنّ الحقيقة الراسخة، أن سقوط هِبة القانون لا يحدث فجأة، بل هو نتيجة تراكمات: سكوت عن الظلم، تبرير للفساد، وتصفيق للطغاة. فحين يقبل الناس الظلم ولو مرّة، يعتاده الظالم كل مرّة.
ولذلك، إن أردنا أن نُحصّن أوطاننا، فعلينا أن نُعيد للقانون هيبته، لا بالكلمات والشعارات، بل بالمحاسبة والعدل. فالقانون بلا هيبة، أشبه بسيف صدئ، لا يردع ظالماً ولا ينصف مظلوماً.