11/07/2023
أصبح الجميع ينتظرون منك مقابلا لمجرد ان شيئا ما يربطك بهم، العمل، الدراسة، الوسط الذي تنتمي له،وغيرها من الأماكن التي تشكل جزءا يساهم في تحقيق استمرارية ذلك الرباط، فكلما ألقوا التحية انتابهم ذلك الشعور الدفين أنهم مدينون لك بشيء جراء ذلك، فما دمت على صداقة بهم فأنت مسؤول تجاههم أيضا، وعلى إثر ذلك ستظل طوال حياتك مجبرا على تفقد أحوالهم كل مرة، وتصبر على تدمرهم الدائم واللامتناهي من الحياة، وتتحمل إحساسهم بالحزن والذنب والإحباط وكل مشاعر الخيبة ورغبتهم في البكاء وإنهاء حياتهم - تلك الرغبة التي لا تكف عن الظهور كل حين وترافق سردهم المتكرر لقصص وتجارب الخذلان التي عاشوها ومروا منها، - والتي لا ترغب في سماعها طبعا - والمتوقع منك أن تفعل وتتحمل كل ذلك الهراء رغما عنك، لا يهم بأي شكل ستفعل ذلك، لكن المهم انك ملزم بالتحمل وأن تأتي تلك الأشياء على عاتقك بأي طريقة شئت لأنك حسب اعتقادهم جزء منها..فما دمت رفيقا او صديقا فعليك أن تأتي دوما بقدر كبير من الصبر والتحمل، وإلا فما كان الأجدر بك أن تقحم مؤخراتهم في حياتك من البداية..وإن صادف وامتنعت عن ذلك فإن تقصيرك هذا سيقلص من قيمتك وتقديرهم لك ومن شأنه أن يفقدك احترامهم لك أيضا....لأن مكانتك وقيمتك في الأساس رهينة بهذا العطاء..
على خلاف ذلك..آمنت دوما ان علاقتي بالبشر لا يجب ان تسير بهذا الشكل المقرف، ألا أتوقع شيئا من أحد مهما كانت مكانته وبلغ شأنه، ألا أنتظر شفقة أو عطف أحد علي، وأن أضع مشاكلي وظروفي جنبا وألا أجعلها أبدا جزءا من هذا، فالصداقة مهما أبدعوا وضخموا في تحديد ماهيتها و تحويلها إلى وسيلة لا يغير ذلك من كونها وجع رأس أصبح الجميع يجتنبونه ويتفادونه، ولأكون صريحا فتلك العلاقات لم آخدها يوما محمل الجد، بل بالكاد أعتبرها قائمة، حتى وإن كنت أتعاطى معها فإني أفعل ذلك لهدف ألا يقال عني أنني أصبت بالغرور بشكل ما، مع أنني لا أكثرت بحق وإن ترائى لك العكس، فالعلاقات العابرة التي يسحقها مرور الزمن لحظة إفشاء ما تحمله من خبايا ومصلحة، لا تستحق أبدا أن ترقى لمستوى الأولوية او الجدية، ولا تستحق أن يكلف المرء نفسه عناء التضحية من أجل الإبقاء على قيامها وصمودها أمام أي تأرجح وتواطؤ من شأنه أن يرمي بها إلى سرداب التلاشي - إن كانت ستمضي بهذا الشكل الفظيع -..
فما مررت به رسخ في ذهني أن أكون رفيقا لنفسي، صديقا لذاتي، وأن أظهر قدر الإمكان بهيئة أكون فيها في غنى على كل رباط بالبشر من شأنه أن يأخد بحياتي إلى جانب آخر،،.
إن الناس ملزمون بأن يفهموا ويدركوا جيدا أن الوحدة والعزلة ليست تجسيدا للتخلي أو الخذلان أو الغدر، أو أن المرء يعاني من إحدى الاضطرابات النفسية أو أنه يجد صعوبة في الإندماج والتأقلم مع البشر، الوحدة هي تجسيد آخر لمعنى الإكتفاء بالذات والترفع عن كل شيء وبلوغ أقصى حدود التشبع، ليس الجميع في حاجة إلى رفقة،، فأنا كشخص انطوائي، كان لي رفاق أيضا في فترة سابقة من الزمن، وبصراحة لم يكن وجودهم في حياتي ضروريا من الأساس، ذلك التبني السطحي للصداقة لم يمنح لوجودهم أي معنى في حياتي، حتى وهم غير ملزمين بذلك، لم أر سوى أن وجودهم ذلك لم يكن ملزم الحدوث في الأصل ببساطة...