18/08/2015
سلطان عمان يقسو على ابنه، ويرفض وساطة الدول الكبرى للصلح معه، ثم يبكي على وفاته..
قصة مؤثرة
كان للسيد سعيد بن سلطان الذي حكم عمان خلال الفترة (1804 – 1856م) ثمانية عشر ابنا، أكبرهم السيد هلال. وفي بداية عام 1844م بدأ الخلاف بين هلال ووالده السلطان سعيد الذي حرمه من جميع أتباعه المخلصين، ووضعه تحت الرقابة الدقيقة، وكان هلال هو الأكثر حيوية وطاقة من جميع أبناء السيد سعيد، وكان يتمتع بتعاطف العمانيين، الأمر الذي أثار قلق أبيه.
تطور الخلاف بين السلطان وابنه:
وفي 23 يوليو 1844م قام السيد سعيد بتعيين ابنه ثويني كحاكم على مسقط، وتعيين ابنه خالد كحاكم على زنجبار، وعين ابنه هلال على المناطق التي بساحل فارس، فرفض هلال ذلك التعيين، وأخذ يطالب بتعيينه على مسقط، وفي الخامس من اكتوبر من نفس العام طرد السيد سعيد ابنه هلال من ممالكه الأفريقية على أن لا يعود إلى تلك الممالك، ورحل هلال بين حزن والده الذي تسرع في قراره، وحزن بقية أفراد الأسرة المالكة.
محاولات الوساطة:
وفي عام 1845م سافر السيد هلال إلى بريطانيا ونزل ضيفا على الحكومة البريطانية التي استقبلته بالاحترام وبالضيافة، وزار العديد من المدن التجارية والصناعية في انجلترا، ثم عاد في بداية شهر نوفمبر 1845م، حاملا رسالة من وزير الخارجية البريطاني تتضمن طلبا لوالده السلطان سعيد بأن يعيد ابنه هلال ويمنحه العطف. والمحبة، وبعد أن عاد هلال من انجلترا، سكن في زنجبار في بيت بالقرب من قصر والده (المتوني)، ولم يستقبله والده أو يدعوه إلى المناسبات، لأنه اعتبر استعانة ابنه بوساطة أجنبية فضيحة وحماقة.
الانتقال إلى لامو:
وحتى عام 1850م، لم يتحسن موقف السيد سعيد من ابنه هلال الذي كان يعيش في وضع مزر، فاقدا الأمل في تحسين مشاعر والده تجاهه، ومقدرا أن وجوده بالقرب منه لن يثير سوى غضبه، فطلب من والده السماح له بالإقامة في لامو وحصل على الإذن بذلك، فكان أن تعاطف معه سكان المنطقة وماجاورها، لدرجة أنهم قاموا بطرد الحامية الصغيرة التابعة للسيد سعيد من قلعة لامو.
وقام السيد هلال بتوجيه رسالة إلى محافظ زنجبار ينفي فيها المشاركة في أي عمل عدائي تجاه والده، وطالب مرة أخرى بأن يحظى بعطف والده وبأن يعامله أسوة ببقية أخوانه، وانهى قائلا بأنه مستعد للعودة إلى جانبه بواسطة قنصل فرنسا أو بريطانيا، غير أن هذه الخطوة لم تأت أيضا بأي نتيجة.
محاولة الاصطدام العسكري:
تطورت الأمور بعد ذلك لتصل إلى حد الاصطدام العسكري، عندما جمع السيد سعيد القوات لمهاجمة ابنه هلال في لامو في 18 ديسمبر 1850م، ولكن هلال لم يكن آنذاك موجود في لامو، حيث كان ضيفا على النقيب محمد بن عبدالحبيب في المكلا، في بداية ديسمبر 1850م الذي أكرمه، ثم غادر إلى مكة، ولكن ولأسباب مرضية حول وجهته إلى عدن، وكان بصحبته ابنه الأكبر سعود، وقام باستقباله الوكيل البريطاني في عدن، فأقام فيها ستة أشهر.
وفاة السيد هلال:
وفي 28 يونيو 1851م توفي السيد هلال، وحزن السيد سعيد لوفاة ابنه، وبعث بمبلغ 10 آلاف كراون ألماني كمصاريف لعائلة الفقيد لرجوعهم إلى مسقط، وبالفعل عاد أبناء السيد هلال، وهم سعود وفيصل إلى مسقط بتاريخ 22 ديسمبر واستقبلهم السيد سعيد بن سلطان وعاشوا عنده... رحمه الله
محمد بن حمد الشعيلي