06/06/2018
المصريين اللى بجد لسه عندهم امل فى بلدهم
أمس أثناء عودتي من العمل حوالي الساعة ثلاثة ونصف عصراً، كان يقف في الشمس على الأتوستراد، رجل في أواخر الأربعين اقرب الى أوائل الخمسين، ملابسه بسيطة مهندمة توحي بأنه من متوسطي الحال، يحمل شنطة جلد بُنية وضعها على رأسه في محاولة تجنب حرارة الشمس الحارقة، منظر العرق على وجهه يدل على أنه ينتظر منذ مدة كبيرة، فقمت بفتح زجاج العربية وقلتله أنا رايح حلوان تعالى أركب اوصلك لأقرب حاجه ليك، فأجاب فرحاً وانا كمان رايح حلوان لو ميضيقش حضرتك، قلتله إتفضل، فركب العربية بعد أن قام بشكري أكثر من مرة.
سألته أنت واقف بقالك كتير، فأجاب حوالي ساعة ساعة الا ربع، واستطرد قائلاً الميكروبصات كلها جيه مليانه، واللي فاضي بيتأمر علينا حضرتك وبيقول لغاية المعصرة بس، وحضرتك أنا مش حمل أني ادفع 2.50 لغاية المعصرة و2.50 لغاية حلوان بدل ما ادفع 3 جنيه من هنا لحلوان يعني انا هربان من زيادة تذكرة المترو اللي حواجتني لوقفة الميكروباصات علشان أوفر ال2 جنيه الفرق يقوم سواق الميكروباص يطمع فيهم، هو المرتب فيه كام 5 جنيه علشان أدفعهم علشان اروح البيت بس غير اللي بدفعهم علشان أنزل الشغل الصبح.
قلتله ربنا يكون في عون الجميع، وكملت كلامي ما هو سواق الميكروباص بردوا عنده مصاريف وبيحاول يوسع رزقه هو التاني، رد عليا يا باشا حضرتك مش كده بردوا كده كتير ما كفاية عليه أجرته اللي هو محددها، ولسه هنشوف هيعملوا فينا إيه لما يزودوا السولار والبنزين، والله الواحد مش عارف هيلاقيها من المياه اللي زادت ولا الكهرباء اللي هتزيد، الحمد لله على كل شيء، والله يا باشا الواحد مستحمل وساكت علشان هما بيقولوا أن ده لمصلحة البلد وان اللي بيحصل ده بسبب التلاتين سنة اللي فاتوا، والواحد نفسه يشوفها أحسن أو على الأقل ترجع زي زمان.
وأستكملت إستماعي الى إذاعة القران الكريم بعدما أغمض الرجل عينيه مستسلماً للتعب، وعندما وصلنا الى محطة حلوان أيقظته وشكرني مرة أخرى، وعندما عدت الي البيت لم يفارقني حوار الرجل ما بين الإرهاق من متاعب الحياة وزيادة الأسعار ومتطلبات الأسرة وبين حبه لـ #مصر وأمله في نجاحها حتى ولو على حسابه هو وأسرته، وحاولت أن أتذكر إسمه ولكني أنتبهت إننا لم نتعارف ولم نتحدث عن طبيعة عملنا، وظل الموقف يتردد في عقلي طوال اليوم وحتى اليوم التالي فقرر فضولي ان أقترب إليه أكثر واتابع الأحداث من خلال سجيته بدون أي مؤثرات حزبية ولا طائفية وأطلقت عليه أسم يعبر عن حالة الصراع التي يعيشها فلم أجد أفضل من أن أطلق عليه إسم