19/03/2024
دير عمرو المهجرة (قضاء القدس ) - من مدرسة نموذجية لتعليم أصول الزراعة الحديثة إلى مصحة للأمراض العقلية :
كثيراً ما أهمس لبعض أصدقائي : من أراد منكم أن يعي معاني وأبعاد وسياقات النكبة النفسية والثقافية والمعنوية التي حلت بالشعب الفلسطيني ، فليذهب إلى قرية دير عمرو المهجرة الرابضة على الذرى الغربية لجبال القدس وعلى بعد 12 كم إلى الغرب منها . كانت دير عمرو - المسماة على اسم أحد أولياء الله الصالحين المدعو الساعي عمرو - قرية صغيرة ليست كباقي القرى الصغيرة الأخرى : كانت بيوتها الحجرية قد بنيت بعناية وحاراتها القليلة رتبت بميزان دقيق تم الانتباه فيه للأشياء والتفاصيل الصغيرة . كانت لجنة اليتيم العربية في القدس قد قررت عام 1942 إقامة مدرسة زراعية نموذجية للبنين ، تعلم فيها الطلاب أصول الزراعة الحديثة وسبل العناية بالمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية وذلك تقديرا منها لترسيخ قيمة العلاقة بين الطالب وأرضه وتطوير مشاعر الانتماء لها ، هذا فضلا عن القيمة الإضافية النوعية بالسير قدما في البلاد على درب التقدم والحداثة . كانت النتائج مذهلة وفي سنوات قليلة أضحت المدرسة محجا للطلاب المتفوقين من فلسطين وشرقي الأردن . وغدت هدفا يسعى اليه الطلاب ليكون إطارا تربويا ناجحا ينشأون فيه ويطورون ذائقتهم الروحانية ويصقلون دوائر هويتهم . ولكن لم يكتب لسنوات المجد لهذه المؤسسة أن تطول ، فقد عصف زلزال النكبة بالمدرسة وطلابها والقرية وسكانها ال720 . كان ذلك في السابع عشر من تموز 1948 .، وفي خضم عطلة صيفية لم يعد بعدها الطلاب الى صرحهم التربوي الشامخ . لم تهدم بيوت القرية ولا المدرسة بل تم تغيير هويتها وطبيعة عملها . تحولت المدرسة الى مصحة للأمراض العقلية اصطلح على تسميتها باسم " إيتانيم " ، أما باقي مباني القرية فتستعملها شركة بيزك للاتصالات , لقد سبب الزلزال خراب مشروع رائد تكسرت فيه وحوله نصال آمال عظام وطموحات طاولت حد الفضاء . الصورة بعدسة شادي صدقي أبو مخ وفيها يظهر أحد أجنحة المستشفى الذي كان مرة مدرسة زراعية تربي أبقاراً تدر حليباً وعسلاً .